إلى سارة ..من خطط العام الجديد

Posted on الثلاثاء، ديسمبر 31، 2019 by ريم وجيه


عزيزتي سارة ..كيف حالك في هذه البرودة القارسة  يا صديقتي؟
وما خططك للعام الجديد الموشك؟
أرى كل يوم أشخاص يشاركون حصاد العام الفائت ، إنسانيًا ، وثقافيًا .
أصدقاء جدد يكتسبونهم ،وكتب جديدة تضاف لحصيلتهم ، وقائمة تعد للعام الجديد .
اكتشفت يا سارة كحصيلة لأعوامي الماضية جهلي الشديد، وغباء بعض قناعاتي .
لطالما آمنت يا سارة أن عقلية الرجال وانفعالاتهم تكاد تكون متماثلة مع النساء ، أن الكلام يحمل ذات المعنى إذا قلته لامرأة مثلما أقوله لرجل ؛ طالما كان واضحًا وصريحًا و صادقًا . وأنه بالفطرة سيؤدي لذات الإحساس والشعور الناتج بالكلام .
أثبتت الأيام بطبيعة الحال مدى غباء هذه النظرية ، وأن كل طرف يستقبل الأمر وفقًا لخبراته الشخصية والمجتمعية ، والتي لا فكرة لي عنها، حيث أني أكاد أكون ربيبة الكتب ، تربيت بينها وكنت معها أكثر من أي إنسان في حياتي تقريبًا .
أذكر سؤال صديقي الغاضب ذات مرة عن كيف يجعل المرأة تشعر بالأمان ؟
مستنكرًا إحساس النساء الدائم بعدم الأمان . لم أعرف بما أجيبه وقتها ، الآن ربما لدي إجابة ، ولا أعرف مدى صحتها .
أظن المرأة تشعر بالأمان مع الرجل عندما تشعر أنها تحتل مكانة لا يقاربها أحد . لا أحد يستطيع ملء مكانها ، و أن الرجل لن يسمح بذلك رغم كل المغريات ، و وساوس السوء . ليس لميزة معينة فيها قد تتبدل أو تبهت ، بل لأنها هي على ما هي عليه ، لكن ، هل يستطيع رجل ذلك ؟
وهل يحتاج الرجال طمأنة من نفس النوع ؟
أعرف بالطبع احتياج الرجل أن يأمن لشريكته بألا تخونه مع رجل آخر ، وألا تفشي سره ، أو تستهين بأمره . هي أشياء أظنها بديهية وطبيعية .
 ولكن ..كيف تطمئن المرأة رجل خائف ؟
صراحة، لا أعرف .
هل يمتلك الرجال ذات المخاوف الجمالية التي تعاني بسببها النساء ؟
رغم طبيعة المجتمع الفكرية التي تقول أن الرجل لا يعيبه سوى جيبه ، أؤمن تمامًا أن الرجال يحملون في الغالب نفس المخاوف حول المظهر ، وأرى أثر ذلك في تزايد مهام صالونات الحلاقة ، والحمامات المتخصصة ، والمراكز التجميلية ، والهوس بصالات الرياضة .
لكن إلى أي مدى يمثل ذلك من ضغط وهيستيريا على الرجال ؟
لا معلومة حقيقية عندي .
بصفتي صديقة البطلة في حواديت الحب حولي ، أجد في كثير من الأحيان الأمور تتحول إلى ساحة حرب ، غالبًا بسبب خبرات الطرفين السابقة المؤلمة – الكارثية أحيانًا – والتي تحتاج إلى علاج مكثف من الحب والأمان ، والتروى ، والحزم في كثير من الأحيان .
أشعر يا سارة أننا نهدر الكثيرمن الطاقة ، والكثير من الوقت ، في محاولات الفهم ، والوصول لأرضية مشتركة لنقف عليها ، فقط لنقول: " أحبك ، أرغب في تمضية عمري في سعادة معك ، لنسعد بعض ، ونساند بعض أمام ضربات الحياة ."
وقت يمكن استثماره في أفعال الحب الأكثر سذاجة ، أو حتى الأكثر تعقيدًا .
طاقة يمكن بذلها في إسعاد أنفسنا ، وأحبتنا ومعهم .
وبناء عليه قررت أن يكون كتاب ( الرجال من المريخ والنساء من الزهرة ) ضمن خطة قراءاتي للعام الجديد .
فقط لأفهم " كل ده كان ليه...يا مجانين؟ "
ماذا عنك يا صديقتي..ما خططك للعام الجديد ؟
محبتي
ريم


رسالة للحبيب الغائب

Posted on السبت، ديسمبر 14، 2019 by ريم وجيه



اسمع أغنية بلا ولا شي ، أحبك ، واسأل نفسي ، هل يعلم زياد لأي درجة يمكن أن يذهب بنا الحب ؟ ما يمكن التنازل عنه ، وما لا يمكن تركه ؟
كنت طفلة شديدة الرومانسية، أرى الحب في كل زاوية ، وأؤمن بكل الغيبيات .
أنسج طوال الوقت قصص الحب بين من حولي ، و صنعت لنفسي كذلك واحدة ، ربما أكثر.
وجعلت لنفسي قوى سحرية عجيبة ، تحقق لي ما أريد تمامًا ، ومعارك وهمية شديدة الجدية .
لا أظنني عشت عمري المفترض وقتها ، بل كنت أسبق سني – كالعادة- مع مزيج البلاهة الخاص بعمري الحقيقي بالطبع ، والذي لا يمكن الاستغناء عنه .
كبرت كما يكبر الناس يا حبيبي ، و اختلفت قناعاتي ، كفرت بالحب والرومانسية ، وحُمِلت بالمرارة دون المساس بحقيقته الثابتة ، ولكنني كنت مراهقة عدمية قليلًا ، رغم أن السذاجة مازالت جزء مني .
ربما بعض مني رفض فكرة أن أكبر ، ولكنها الحياة تفرض نفسها رغمًا عن أنفي ، وعن قلبي وعقلي ومشاعري ، فرفض مسلمات الطفولة الطيبة .
لا يهم كيف كنت أنا يا حبيبي ، أو كيف كنت أنت ، أعرف هذا الآن وقد بلغ مني العمر ما بلغ ، وخط الشيب على ضلوعي فاهترأت .
أنتظرك يا حبيبي بخريف عمري ، بحب جديد بدأ منذ تكوننا في الأرحام ، ليضفي وجودك السلام على روحي القلقة ، قد أصبح –أخيرًا-من يشاركني كل اللحظات ،نضحك معًا ، نبكي معًا ، نقلق معًا ، ليخف ثقل الأيام ، ويشبه رقة الخريف ، يكتسب دفء الخريف .
لم يمتلك زياد في حبه أي رفاهيات ، ولا أي صحبة كانت تزعج تفردهم ، الحب ولا شيء إلا الحب ، بلا أي تزيين ، كانت هذه شروطه .
لي أيضًا شروطي ، اشترط عليك شراكة كاملة ، بلا أي مفاوضات ، وفي كل شيء .
نتشارك قائمة الأغاني ، والرقص معًا على نغماتها ، كانت " على ورق الفل دلعني " أو كانت " القلب معاك" مرورًا بـ سيناترا العذب ، ونجلس لنصغي لفرش وغطا للشيخ العجوز و أحمد برين ،لأخبرك أنك السبع الذي تحمل قسوة الأيام ولم يمل ، ومازال قلبه كقلب الطير .
نتشارك قائمة الأفلام ، والكتب ، الأريكة المفضلة ، وأحاديث المساء الهامسة .
نتشارك الاستمتاع بالمشي معًا ، نهرب من العالم لشوارع جديدة تستقبل أضواء الفجر ، وتودع برودة الليل ، الدافيء بك يا حبيبي .
اشترط عليك نون الجماعة يا حبيبي ، صلاة ودعاء و تلاوة القرآن .
اشترط عليك إيمان لانهائي بصحبة تمتد لحياة بعد الحياة .
وأن يحب الطفل بداخلك الطفلة بداخلي ، نتقاسم الحلوى والألعاب ،والضحكات المجلجلة .
أن نعيد شغف المراهقة معًا ، واكتشاف المشاعر القديمة بنكهة حبنا ، و نستمتع باكتشافاتنا القديمة الجديدة والمتجددة . و أن نبكي معًا ، كما نضحك معًا .
وأن نجدد كل يوم شبابنا ، لتراني شابة جامعية لطيفة تتعلم ، وأراك أستاذي يشاركني التعلم .

أما أنا فلك مني وعود تطول بطول العمر ، أعدك ألا آخذك على محمل الاعتياد ، وأن أنظر لك بعيون متجددة بالحب والشغف .
أعدك أن انتبه لتفاصيلك الطيبة والممتعة ، وأقدم لك من قلبي كل ماهو طيب ، أهديك السلام والراحة ، ويكن لك في قلبي ملاذ آمن و راحة وسلام ، وإن ضاق بنا العيش .
أن أقع في غرام عقود الفل والزهر الملون ، وأنت تساعدني في ارتدائها كل مرة ، وأن أقبل باطن يدك ، وأنت تقبل عيناي .
أن أشاركك استمتاعك قدر استطاعتي ، وإن اضطررت لطهو الأسماك وتقشيرها .
أن أتواصل معك بكل ما فيك ، وأن أحتويك قبل أن أدينك ، وأن أذكرك بالطيب عند الاختلاف.
أعدك يا حبيبي ، أن اختارك في كل مرة .
سنكون حبيبين رائعين يا حبيبي ، يومًا ما .
مع كل حبي . 

إلى سارة ..عن الخوف والوحدة ..والفقد .

Posted on الخميس، ديسمبر 05، 2019 by ريم وجيه


عزيزتي سارة
أود أن أحادثك اليوم عن الخوف يا سارة ، ليس الخوف العادي من حدث مؤذي ، بل تلك الشجرة الخبيثة من المخاوف التي ليس لها جذور ، إنما فروع و غصون تمتد حتى الحلقوم .
مات هيثم أحمد زكي ، ليفجع العالم برحيله ، وأظن قدر لا يستهان به من هذه الفجيعة ، إنما هو فجيعة في مدى الوحدة التي يمكن أن يصاب بها أي منهم.
يحتمي الناس من الوحدة بشتى الطرق ، ترعبهم الفكرة ، وتدفعهم أحيانًا لعلاقات مؤذية واستنزافية .
حسنًا ، جربت الوحدة يا سارة ، والعديد من احتمالاتها ،وليست مرعبة حقُا بصدق .
فكرة أن يموت المرء وحيدًا بلا أشخاص حوله ، تبدو موحشة ، ولا تبدو برومانسية فكرة جاك بطل تيتانيك عن الموت دافئًا في سرير تلتف حوله أبناء وأسرة محبة . لكن يا صديقتي ، في لحظة الموت أظن الصحبة الوحيدة الحقيقية حينها تكون لملك الموت.
لأمي أربعة أبناء محبين ، لكنها ماتت بالعناية المركزة وحيدة ، لابن خالي –أخي الأصغر الحبيب- عائلة كبيرة محبة جدًا ، وأصدقاء ممتنون ، ولكن نال نفس النهاية .
لجدي وجدتي إحدى عشر من الأبناء  ، لم تكن لحظاتهم الأخيرة بصحبتهم أجمعين .
الموت هو الموت ، لا يوجد ميتة دافئة و أخرى باردة ، الفارق فيما قبلها ، أما مابعدها فهي رحمة الله وفضله إن شاء الله .
أما ما قبلها ، فإني بالطبع لم أشاهد لقاءات الراحل هيثم رحمه الله ، إلا أننى تابعت مقالات نورا ناجي المبهرة في تفاصيلها وإحساسها عن الكاتبات والوحدة .
كان هذا مرعبًا قليلًا ، لا أنكر ، لا أصنف نفسي كاتبة كما تعرفين ، أنا أحب الكتابة ، وأحيا بها . وجدت بعضًا مني في كل مقال ، في كل شخصية .
حتى مي زيادة التي لا تروقني ، وجدتني أشفق عليها .
حتمًا لنورا اليد العليا في هذا الإحساس ، في تقديمها هذا المزيج من الحياة الإنسانية ، والمشاعر بالقدر الذي يحفز الإنسانية بداخلك فوق كل رفض .
لكن أربكتني ، جعلتني أتساءل حول ماهية الوحدة التي أشتهيها ، والتي جعلتها جزء أصيل من حياتي ، وبين الوحدة الكريهة المؤلمة ، التي تحطم الروح ، وتحبسها داخل قفص شفاف ، لا يري النور حقًا، ولا يعيش في ظلام حقيقي .
اعتدت أن يقولبني من حولي – لا بأس-  ، حتى يستطيعوا التعامل معي ، ورغم إدراكي الكامل أنني لا أنتمي لهذا القالب ، كنت أصمت ، وأحاول بناء جسر من التواصل يسمح بالمودة ، و يمنع الالتحام ، أحب أن أبقى على مسافة تسمح بالرؤية ،وتحمي الحدود المشتركة قدر الإمكان .
هذا جزء أصيل من وحدتي ، معرفتي أنه لا أحد  - تقريبًا -يراني حقًا كما أنا ، ويجعلني جزئيًا أتسائل ، هل تصبح المودة حقيقية وصادقة عندما يدركوا أني لا املأ ذلك القالب تمامًا ؟ يلقبني بعض أحبتي بالملاك ، وحتمًا لست ملاكًا ، فهل يظل الحب عندما يدركوا نقيصتي؟
فقد الأحبة مرعب يا سارة ، كطائر الرخ ينهش قلبي طوال النهار ، لينمو ليلًا ، ليعاود تمزيقه الصبح . هذا هو الفقد بالنسبة لي .
يمكنني أن أعيش وحيدة ، وأعرف كيف أسعد نفسي وحدي ، جربت ذلك .
أجيد ضخ الحيوية في كل ركن ، تهذيبه من الوحشة ومنحه قبلات الحياة ، لأصنع بيت دافيء.
لكن حتمًا هذا لا يعني استغنائي عن حب أحبتي لي ، لا يعني أني لا أود أن أنعم بنزهة لطيفة على البحر مع أصدقائي ، و لا أني لا أحتاج اخوتي حولي ، ولا حتى أني قد أقايض بضع ساعات مع أبناء إخوتي بملء الأرض كتب . – بالطبع تعرفين حجم الإغراء !
لن تمنحنا الحياة كل الفرص التي نريدها ، ولا كل السعادة التي نتمناها . مجبرين على مفاضلات ، ومفاوضات ومساومات لننال بعض ما نحبه ، في مقابل تنازل عن حب آخر ، أو قبول ما نكره وننفر منه .
و قد  اخترت قدر الوحدة المناسب لي ، مع تبعاته من الاتهامات المختلفة ، بكل الحب .
ويبدو أن شجرتي المرعبة ، عمادها الفقد ، و معول هدمها هو الحب على كل علاته .

مودتي 

ريم  


إلى سارة ..عن معجزة الغياب

Posted on الثلاثاء، نوفمبر 05، 2019 by ريم وجيه


عزيزتي سارة
اكتشفت مؤخرًا ما أفعمني بالرضا يا سارة ، وأنني كما أحب تواجد أصدقائي حولي ، فإن غياب بعض ممن أدعوا الصدق والصداقة أراح قلبي تمامًا .
تأملت حسابي الجديد نسبيًا على الفيس بوك ، بعد إغلاقي لحسابي القديم الذي كنت أحبه كثيرًا ، و أحب أصدقائي فيه جدًا ، واغتربت بالكامل عن من فيه من الأصدقاء .
قراري بإنشاء حساب جديد  ،  رغبة في تواصل أكثر قرب وحقيقية ، بقرار أني لن أضيف من لم أقابلهم من قبل ولا نتواصل بشكل دوري، لا أرغب في علاقات بعيدة تبرد مع الوقت وتبهت . شعرت كذلك يا سارة أن وجودي لا أثر له ، سيان تواجدت أو اختفيت .
تفاوتت ردود الفعل على حسابي الجديد ، لاعتقاد البعض حذف صداقتنا ، منها ما كان حادًا كالبلوك – ولا ألوم هاهنا ..على العكس شعرت بثقل انزاح عن صدري بصداقة مشروطة بشروط لا أعرفها من أشخاص لا تربطني بهم علاقة وطيدة ولا حقيقية فعلًا –
المفاجأة الطيبة كانت فيمن سألوا واهتموا، لاكتشف أني شخص له صدى طيب عند من لم أتوقعهم بالمرة .
على صعيد آخر ، مؤخرًا وجدت العديد من الأصدقاء قاموا بحذفي من حسابي الجديد ، تعجبت قليلًا ، وعذرتهم كليًا ، وأعترف ساورني إحساس بالراحة بعد تلاشي إحساس الذنب .
لم يعد يروقني كثرة الناس حولي ، وأصبحت في رعب من زيادة طلبات الصداقة ، مما دفعني لاستخدام خاصية المتابعة ، بعد طلب أكثر من شخص مني ذلك صراحة .
الأكيد أن الحياة لا تسمح بعلاقات مقربة كثيرة يا سارة ، إلا أنني أبحث عن الدفء حولي ، الدفء والحرية لأكون من أنا عليه حقًا ،دون الخوف من أحكام يضيق لها صدري ولا ينطق لساني ، وهو ما يتوفر لي ولله الحمد الآن بشكل ملحوظ ، يحاوطني حب أصدقاء الفيس بوك ،وتدليلهم المستمر ، وثناء لا أظنني أستحقه بالكامل .
أذكر كل الأوقات التي لمت نفسي بها ، وحاسبتها إن كنت جرحت إحساس شخص ما دون قصد ، إن ضايقت شخص ، إن أهملت شخص ، من كل الأشخاص المتواجدين عندي .
و أجد هذا كله فوق طاقتي ، كيف أتابع ما يزيد عن مئة شخص ؟
لا أستطيع بأي حال يا صديقتي الجميلة ، لذا ، أصبحت اكتفي بما أستطيعه فقط ، ولا أحمل نفسي فوق طاقتها ، وأتقبل الراغبين في الرحيل بنفس راضية ، ولعلمي أن هذا دومًا أفضل للجميع .
ربما قريبًا أقوم بعملية تصفية جديدة بين صداقات الفيس بوك ، رغم قلة العدد قياسًا لحسابي القديم  ، ورغم تقديري العميق لكل شخص قبلت إضافته وقبل إضافتي ، لكن دومًا أضع راحتي وحريتي قبل أي شيء .
بالطبع هذا يطرح سؤال بخصوص رحلة الألف قلب ، كيف سألمس ألف قلب ، مع كل هذه الحدود التي أضعها ؟
حسنًا ، لا أدري فعلًا ...ولكن الكلمات مثلي تحب الحرية ، والترحال ..فربما في رحلاتها تلمس قلوب لا تعرفني ، ولا أعرفها .
قلوب أحببت فيها إنسانيتها ، ووجدت في كلماتي ما يعبر عنها ...ولها مني كل حبي الإنساني على البعد .

مودتي
ريم وجيه 

إلى سارة ..طريق الألف قلب

Posted on الاثنين، أكتوبر 07، 2019 by ريم وجيه

عزيزتي سارة
أعترف لك يا سارة أني لا أؤمن بفكرة النهايات الدامغة لأي شيء ، باستثناء الموت ، و هو بوابة لعالم به احتمالات كثيرة كذلك .
لا أظن إنه "كده خلاص " ، هناك دومًا طرق فرعية يمكن اختراقها بشيء من الخفة ، تؤدي لشيء ما جديد تمامًا ، مجهول تمامًا ، ويسمح بالدهشة .
أؤمن بالتجربة يا سارة إيمان عظيم ، أؤمن دومًا بسؤال لم لا؟
قرأت مقال منذ فترة قريبة عن نسب نجاح الأشخاص العاديين في الحياة ، مدى تميزهم و تركهم لبصمة في العالم ، كانت نسبة مهينة يا سارة ، يرى صاحب الاحصائية أن النجاح يورث، الغنى يورث ، وما غير ذلك هو الاستثناء الذي يثبت القاعدة ، استثناء نادر يقول فيه ضمنًا أنه " متحلمش يا حبيبي ومتصدقش " .
أصدق بواقعية الاحصائية ، ويرفضها قلبي ، أؤمن دومًا بقدر لا نهائي من الفرص لكل إنسان ، مادام حيًا فهناك فرصة للوصول لشيء ما – ولا أعني هنا الثروة ولا الصيت ، لكن هدف يراوده ، شيء يجيد الاستمتاع به ، حلم يحققه خارج مألوفه ومحيطه .
كثير من الحكايات حول قصص النجاح نقرأها لفلان وعلان ، فشلوا في شيء ما ، ونجحوا بعدها نجاح مبهر، ساحق، رهيب، مدوي ، تملأ كل مكان لشحننا بآمال عظيمة ، لا أساس لها على أرض الواقع غالبًا .
لست أدري لم دومًا تضيع دائرة التأثير الأبسط دون اهتمام يذكر ، هل شرط النجاح أن يكون مدويًا ليحتسب نجاحًا ؟
أنا شخص عشوائي يا سارة ، مزاجية بدرجة مرعبة أحيانًا ولا أجيد التخطيط بالمرة ، أتعمد ألا أضع أي خطط بالمرة ، فشلت فيها باجتهاد ، هي قيد وسجن أكرهه . وهذا يا عزيزتي وصفة جيدة للفشل  بكل أسف .
لا أجيد التخطيط ، ولا أمتلك أهداف مليونية ، وترعبني فكرة الانتشار الساحق ، لكن لم لا نجرب؟
اليوم أضع لنفسي هدف صعب قياسه ، إن كان ممكن القياس أصلًا .
هدفي أن ألمس ألف قلب بكلماتي ، ولا أدري كيف يمكن قياس ذلك .
أعرف الطريقة ، وأتخذها منهج يا صديقتي ، أقدم كلماتي من قلبي بكل صدق ، بلا افتعال ، بلا خداع .
الصدق ولا شيء إلا الصدق .
ما رأيك في خطتي الجديدة المجنونة ؟ 
مودتي وجنوني ..
ريم  

رسالة إلى هاجر ..عن القوة والخوف والزيف

Posted on الثلاثاء، أغسطس 27، 2019 by ريم وجيه


عزيزتي هاجر
كيف حالك في المدينة البعيدة -القريبة من القلب- بوجودك فيها ؟
أحببت مدينتك يا هاجر ، عندما رأيتها بعينيك ، وأدركت لأي درجة يقرب العالم العربي لبعضه البعض .
أذكر جيدًا يا صديقتي الجميلة أول مرة تحادثنا بها ، عندما سألتك لم أضفتني ...كان حسابي جديدًا جدًا ، وأردته خصوصيًا جدًا –ولازلت- ، أذكر ردك البسيط الواضح ، لباقة الانسحاب الذكي ..ذكرتني بنسخة طيبة من نفسي ، نسخة أحبها فعلًا ، وبالفعل أجد منك كل ما أحب يا هاجر في أصدقائي .
 رغم هذا يا صديقتي الجميلة تأتي لحظات أشعر فيها أنني منافقة لشد ما ترينني قوية ، وتخبريني بهذا ، ولا أفهم ..ما هي القوة ؟ وأين هي؟
لا أذكر أني صرحت لمرة إني قوية ، على العكس أذكر كل المرات التي جلدت نفسي لإحساسي بالتخاذل والضعف ..وأشعر أني ضللتك بما ليس في.
هل أخبرتك من قبل كم مرة صمتت أمام حادث جلل؟ الفوبيا المستحدثة من الدماء والألم؟
هل يمكن أن يجتمع القوة وهذه الأفعال يا صديقتي ؟
لا أدري ...
هل أخبرتك من قبل عن صديقتي هيام التي اختفت من عدة أعوام ، لا أعرف عنها أي خبر ، غيابها كسكين تمضي في قلبي تخترق طبقة تلو طبقة ،ولا أملك من الأمر شيء ، لا وسيلة اتصال واحدة ...لا يصلنا إلا الحب والدعاء عبر آلاف الكيلومترات ، في عصر الاتصالات المبهرة ، نسيوا أن يطوروا ما يطمئن القلب على الغائبين بخبر يقين !
لم أخبرك بالتأكيد من خوفي أن يحدث نفس الشيء معك ، أخاف أن تقرري الاختفاء فجأة بلا سابق إنذار ، وبلا وسيلة اتصال واحدة !
أخاف الفراق والموت منذ الخامسة من عمري يا هاجر ، مع أول وفاة حضرتها ..جدة أمي رحمهم الله جميعًا..حتى اللحظة لا أعرف كيف يمكن التعامل معه فعليًا ، أحاول حصاره على أنه عرض وقتي ..كالسخونية التي تصيبني من وقت لآخر ، وتجعلني أكاد أجن افتقادًا ليد أمي الطيبة الشافية على جبيني .
لا أظنني قوية يا هاجر ، و لا أجيد التجاوز بشكل جيد حقًا .
أظن أنني فقط أجيد التحايل على الأمور بقدر من الخيال ، يسبقه إيمان بالغيب لا ينقطع ، الرحمة الغيبية ، والحكمة الإلهية في كل صبح يتنفس .
ربما مع إضافة بهارات من الإفيهات للأمور ، أعترف أنني ربما النموذج النسائي لعاشق الإفيه ، أرجو ألا أكون بذات الثقل فقط!
أذكر أنني ذات مرة ، كنت أشعر بغيظ بشع ، ومع ذلك كنت استهل أغلب كلامي ب " الكوميدي في الموضوع كذا كذا ..."
ربما هي خاصية جوزائية تخصنا يا صديقتي .. ربما هذه لأني بالفعل لا أؤمن بالأبراج حقًا !
كانت كل هذه احتمالات يا صديقتي ، أما الآن وقت اليقين ..
ما أوقن به يا هاجر أنك روح طيبة ، فتلك المبادرات الصادقة تجاه إنسان غريب مثلي ، لدعمه ، في حبه ، هي حتمًا نابعة من روح طيبة ، رزقني الله بها رحمة منه ، وله الحمد و المنة .
يزيد هذا يا عزيزتي من يقيني بحياة طيبة لك ، ربما لا تسير منسابة كما الحرير على شعر ناعم ، إنما مفعمة بالخير ، كما بالتحديات ، كما بالشراسة في مواجهة التحديات ، الشراسة المطلوبة تمامًا بلا توحش .
حسنًا ، لا أظن فعلًا أن هناك حياة منسابة كالحرير ، البشر كائنات مزعجة عادة قدر احتياجنا لهم ، والكوارث الطبيعية كذلك ، لذا ، فلنعتبر حياتنا قفزة من فوق شلال ، أو ركوب أمواج ..لا مفر .
في رسالتي القادمة بإذن الله سأحكي لك عن مدينتي العجوز    . الحلوة..الإسكندرية  ..حتى تريها بعينيك بإذن الله
مودتي
ريم وجيه





عزيزتي سارة ..عن الصور والحقيقة

Posted on الاثنين، يوليو 22، 2019 by ريم وجيه


عزيزتي سارة
تابعت بالطبع انتشار صور الكثير من أصدقائنا وتحويلها لمسنين حلوين ، الفكرة مغرية جدًا ياسارة ، لها نفس جاذبية الفلاتر التي تمحي العيوب وتنعم الملامح حتى تكاد تحولنا لمخلوقات كرتونية لطيفة ناعمة ، بلا أي زوايا حادة ، بلا تجاعيد ولا مسام ولا بثور ولا أي عيب إنساني طبيعي حتى .
هل أخبرتك من قبل عن تمنياتي بالموت شابة عندما كنت طفلة ؟ كانت تخيفني فكرة الشيخوخة ، ترعبني التجاعيد و بقع الجلد البنية التي تصاحب الكبر، كان هذا في صغري..أما الآن العكس تمامًا أنظر لهم حولي بكل الحب والحنان ..هؤلاء عاشوا وقدموا و أحبوا و أحبهم من حولهم  .


كل ما شعرت به عندما شاهدت تلك الصور أني أحسست إني عجوز بالفعل يا سارة ، لا أحتاج لنظرة مستقبلية لأرى تجاعيدي ، وأنني ربما عندما أتقدم في العمر سأصير أكثر جمالًا مثل كثير من نساء أسرتي – نقول يا رب – 
منذ هوس التجميل وأصبحت أخاف التصوير بالفلاتر بشكل كبير  ، تجعلنا أجمل لدرجة مخيفة أحيانًا ، تقلل من تفردنا الطبيعي والذي يعتبره البعض قبحًا ، يجعل الأمور أشبه ببحر الشفاه المنتفخة والأنف المنمنمة و الحاجبين المرسومين بالقلم ، ومثلما تجعلنا أجمل بمقاييس التماثيل ، تجعلنا أغرب عن أنفسنا ، وأقل رضا عنها .
أشعر بغرابة شديدة عندما أتذكر خوفي وأنا طفلة وتمنياتي ، وخيالي الآن عن نفسي وأنا سبعينية ، وتعجبني تخيلاتي عن نفسي جدًا ، خاصة بعد رواية الظلال المحترقة ، بشخصيتها الرئيسية هيروكو ، التي صبغت شعرها بالأخضر بعد السبعين .
أظنني يا سارة سأكون تلك العجوز التي تجيد الاستمتاع ، تسترجع دلال عبدالعزيز وهي تغني لسمير غانم " بس قولوا لأمي ..طاب وأنا مالي طيب يا غزالي " أثناء مهامها المنزلية ،  لديها قلب يتسع لكل الحكايات المؤلمة ، وحضن يمتص كل الحزن ، وخبرة كافية لتهون الأمر ، طرق متعددة للحل ، والأهم ..كيف نحول اللحظة الحزينة لكثير من الضحك الصاخب .
أتخيلنا يا سارة في هذا العمر معًا ، نجلس في منزل إحدانا نستمتع ببرنامج إذاعي مع مشروبنا المفضل ، ونتناقش حول كتاب جديد لنا.
وأنت يا سارة ، كيف تريننا في هذا العمر يا صديقتي الحبيبة ؟
مودتي
ريم




عزيزتي سارة ..عن الثقل والظلام

Posted on الخميس، يوليو 18، 2019 by ريم وجيه


عزيزتي سارة
تعرفين تلك الأيام ياسارة ، التي تمر ونحن نحمل على صدورنا قميص من طين يلف صدورنا ، يمنع الهواء والنور والماء أن يصلوا للقلب والروح ، ظلام لا يمكن التعبير عنه ، لا دموع تفتح الطريق للنور ، ولا كلام يجيد تمزيق ذلك القميص .
أميز ذلك الطين يا سارة ، صنعت بنفسي كل قطعة منه و أحطت به ضلوعي .
كل حلم ينهار ، ألملم ركامه و أصنع به حاجز صغير بيني وبين العودة للحلم المنهار .
مئات الأحلام صنعت قميص كامل من الطين لا ينفذ منه الهواء ، و إدراكي لتفاصيل كل حلم تزيده ثقل وقتامة ، من قال إن المعرفة لكل الحقائق المتاحة  نور ؟ المعرفة أحيانًا – إن لم يكن غالبًا - تزيد من الظلمة ، حيث لا شيء كما نريد تقريبًا ، أو كما تخيلناه .
كل ما أحاوله الآن يا سارة أن ألقي أكبر كم ممكن من البذور بداخل هذا القميص ، ربما ينبت يومًا ما حقيقة يانعة تفتح الطريق للنور .
مودتي
ريم


عزيزتي سارة ..الرسالة الثانية

Posted on الأربعاء، يوليو 03، 2019 by ريم وجيه


عزيزتي سارة
كالعادة  يا سارة تتنازعني الأسئلة ، تجذب أطراف عقلي ، وهذه المرة لا أجد جواب يرضيني ، أو يريح عقلي أو قلبي .
تعرفين حبي للألوان ، للدرجة التي دعتني بعض صديقاتي فتاة الألوان ،يحمل كل دلالة قلبية ، بهجة أو حزن أو راحة من نوع ما ....عدا اللون الرمادي .
نعرف أن في عالم البشر للحقائق وجوه عدة ...لسنا ملائكة من النور الخالص ، ولسنا شياطين من النار .
ببساطة البشر هم اللون الرمادي بين ألوان المخلوقات ، هذه حقائق يمكن فهمها بشكل كبير – بالنسبة لي على الأقل .
ولكن الرمادي درجات يا سارة ...
أثار انتباهي اسم فيلم " خمسون ظلًا للون الرمادي ( جراي البطل) " ، بحثت عنه لأجده يتحدث عن بطل يعاني من ميوله السادية ، مريض بها ويجد فيها لذته ، رغم ذلك يقع في الحب . هل يستطيع من يحب أن يتلذذ بتعذيب حبيبه ؟
يظل سؤالي معلقًا بداخلي ، بعيدًا عن الدراما ، وعلى أرض الواقع ..هل يستطيع شخص سادي أن يحب أصلًا ؟
في الفيلم يقتصر الأمر على علاقتهم الحميمة ، لكن على أرض الواقع نرى كل يوم أشكال وصنوف من الأذى البدني والمعنوي ، أظنها تندرج تحت نفس التصنيف ؛ ويبررها ممارسوها إنها بدافع الحب ، لتنهار أعصابي أمام قناعاتهم المستفزة !
أثناء حيرتي بحثت عن هند بنت عتبة – آكلة كبد سيدنا حمزة عم النبي صلى الله عليه وسلم - ، وجدتها أسلمت وحسن إسلامها يا سارة !
مضغت كبده ، ومع ذلك تظل درجة من درجات الرمادي الإنسانية يا سارة ، لم تتحول كليًا للأسود ، بل العكس مع الوقت أصبحت أفضل وأكثر إنسانية ..
وكأن الحياة بحر من درجات الرمادي ، نسير فيها من الدرجات المظلمة للدرجات المنيرة ، والعكس صحيح .
و يظل سؤالي معلقًا يا سارة ..متى يكون الإبحار نحو الظلام ما لا يمكن غفرانه ؟
و يظل اعتراضي على كوني رمادية كذلك ..أنا أفضل أن أكون فيروزية اللون ، أو وردية ...رغم معرفتي بدقة بمكاني بين الألوان .

مودتي
ريم


عزيزها رفعت ...

Posted on السبت، يونيو 29، 2019 by ريم وجيه


عزيزها رفعت
ترددت كثيرًا قبل الكتابة إليك ، أما وقد أذنت لي سارة ، اسمح لي بالكلام يا رفعت.
أخاف يا رفعت أن أقرأ كتاب الرسائل ؛ تكتبني سارة يا رفعت كأنها أطّلعت على خبيئة روحي ..ومن منا يرتاح إن تعرّت ندوبه؟
عزيزها رفعت
كيف حالك في الأبدية وما بعدها أيها الشيخ الجميل ؟
لاتزال تؤلمني فكرة موتك يا رفعت ، و لست شخص يجيد التجاوز .
ترددت كثيرًا في الكتابة لك ..محادثة الأموات ليست عادة محببة ، إلا لمن يحب الصمت جوابًا .
أكتب إليك بلا هدف واضح ، أو موضوع محدد كما يجب أن أعترف ...
رأسي يا رفعت ..بداخل رأسي عاصفة عملاقة كالتي نراها في الأخبار العالمية ..دوامة من الرياح تحمل بداخلها كل ماتقابله ، لدرجة أني أشعر في بعض اللحظات
 بالنبضات الكهربية الموصلة بين الخلايا العصبية في مخي – إن كان هذا ممكنًا-
أو إن كان هناك نبضات أصلًا ...ولا أصل لأي جهة أبدًا.
حياتي على نفس الوتيرة ، وأنا عالقة في هذه الدوامة المحطمة للأعصاب .
أنا منهكة يا رفعت، منهكة إلى حد الرفض والغضب والبكاء .
أشعر إني أكبر منافقة في العالم عندما أقول إني بخير ، للدرجة التي تجعل عيناي تدمعان .
لدي أحلام بسيطة جدًا ، عظيمة جدًا .
بسيطة جدًا بالنسبة للعالم ، عظيمة جدًا لي .
أمتلك أفكارًا للتنفيذ ، ولدي إرادة يقسم بها من عرفها ، ومهارة ملحوظة وقدرة جيدة على التعلم ؛إلا أنني أشعر بالشلل ..شلل كامل ، كأن الجاذبية الأرضية قررت أن تحتفظ بي .
ولا أموت يا رفعت ، فأدفن لتحتضنني الأرض كما يجب ، إنما أشاهد الحياة تسير فوقي بألم ، دون أن أخطو تجاه ما أريد خطوة حقيقية .
أتدري يا رفعت ..أظنني أخاف أن أنجح ، أكثر بكثير من خوفي من الفشل ..
ربما لأن فقدان النجاح سقوط من ارتفاع ...وهو أصعب بكثير من الحبو المستمر على أرض منخفضة .