ما كشفه لى صوت "زينب

Posted on الخميس، أغسطس 14، 2014 by ريم وجيه


قررت " زينب " إهداء صوتها لى فى يوم ميلادى ، عبر تسجيل نص من نصوصى العامية وتحويله إلى مقطوعة صوتية ..قالت لى إنه يحتاج إلى بعض التعديلات ، ثم قررنا تحويله إلى عمل مشترك ، الأمر الذى رحبت به أشد الترحيب .
عند التجربة الصوتية الأولى التى أرسلتها لى "زينب" ومع نطقها لاسمى كل ما أردته هو الاختباء والتخفى ، كمن واجهتها أضواء أتوبيس مسرع وشُلت عن الحركة أمامه ليدهسها ، هكذا خوفى من تسليط الضوء على ، وقناعتى الدائمة بدور "صديقة البطلة" ، ورفضى الاقتراب من أشخاص حولهم هالة ضوء كبيرة قد تكشفنى للعالم ، كان هذا اكتشافى الأول.
طوال العام الماضى كان لدى احتياج مُلٍّح لحضن عميق يصل للوجع الساكن أبعد من الضلوع ،  يعتصرنى بحنان حتى اتخلص من الصديد الذى يختنق به قلبى و أستطيع التنفس بحرية .
عندما كنت طفلة كان لدى "فارس الأحلام " الذى حتما سيضمنى لأبكى خوفى  وأنام هانئة  -الأرق صديق قديم وفىّ - ، ولكننى فقدت الحلم  فى مرحلة ما ولم يعد بعد .
أخبرونى أن " الحضن " سيحدث عندما أحب ، تعجبت جدا ، وسألت وكان الجواب إنه يحدث فعلاً و تنقسم أسبابه بين شهوة ورغبة قرب ضرورية للاكتمال ، ولم يضع حدًا لحيرتى كما على أن أعترف .
فى الاحتياج من السهل تصور أى اهتمام وحنان على انه حب عميق ، فهل هذا ما أبحث عنه ؟!
أدرك إنى لا أبحث عن حضن شهوة بالتأكيد ، فلا أظنها تحمل أى سكينة ، فهل أبحث عن الاكتمال ؟!
أدركت كذلك إنى لا أبحث عن الاكتمال ، ولكن أبحث عما هو أعمق وأقل سطحية .
تنوع وصف صديقاتى لحضنى ، لكن حتمًا لا شىء يماثل عدم قدرة أمى على النوم إلا ورأسها فوق قلبى تمامًا ، برغم صوته العالى وقتها
وأعى تمامًا أن أغلب تعبيراتى العاطفية من امتنان وترحيب ومواساة  واشتياق هى عبارة عن حضن طويل ،أعبر به عن إحساسى ولكن لا أسمح لضعفى بالتسرب من خلف ضلوعى إليهن ، ليس كاملًا على الأقل إلا نادرًا جدا وكانت "إسراء" هى من تلقتنى واحتوتنى بل وعرضت على بيتًا ، لذلك أظنها تستحق لقب من حولى عنها " إسراء اللى بتحبك " ، وتستحق مكانة الساحرة الطيبة بقلبى .
أما "دعاء" فهى لم تعد تنتظر ، فهى تتقدم دومًا على شكواى بخطوة وتأتى لتخفف همومى قبل أن أطلبها ، لذلك فهى سندى المحبب لنفسى حتمًا .
حسنا هذا إثبات عملى إن الحضن المنتظر ليس حضن " الحب الرومانسى " ، وإنما كل ما احتاجه هو الإحساس بالإحتواء الكامل ، من يرى قبح روحى المجروحة  ويتقبلها بلا غضاضة ، ذلك الحب فى مضمونه المطلق الذى يعنى رغبتك فى أن أكون بخير ، أن يطمئن قلبى وتسكن روحى القلقة، والرغبة الكاملة فى حمايتى والابتعاد بى عن الخطر ، والعبور نحو الضفة الأخرى بدل التورط فى قلب الوجع ، حضن يسرّب الوجع كاملًا ، ويبلسم مكانه بالحنان ، ويمنحنى الحرية الناتجة عن قوة الحب .
الاكتشاف الثانى الذى كشفه لى صوت " زينب" فى تراك "حضن يشبّع " ، إنى ماشبعتش من حضن أمى الله يرحمها .





فانيليا

Posted on السبت، أغسطس 02، 2014 by ريم وجيه

يعتقد البعض إنى اخترته لقبًا تبعًا للون بشرتى الأبيض ، مثلما يعتقد البعض إن حرقة بكائى فى أى عزاء أحضره هو لتذكرى حزنى على أمى ، وكلاهما أبعد مايكون عن الصواب .
قلة هم من يعرفون مدى انهيارى فى السنة الماضية ، وإن أدرك الجميع مدى كآبتى ، فلا أظنهم علموا بفقدانى لذاكرتى وهويتى وقناعاتى أثناء غرقى تحت الحضيض .
لم أكن أمتلك الجرأة لسؤال المقربين حقا منى عن هويتى ، ومن أنا ، فلن أحتمل ذعرهم ولن أستطيع التعامل معه كعادتى ، ولن أحتمل الهروب منهم كذلك .
وإن كنت أحاول دومًا استشفاف انطباعاتهم عن شخصى ، ورؤيتهم لى ، لعلى أرى نفسى ، أو أستطيع تمييز أى شىء فى واقعى ، وإدراك اليمين من اليسار .
كان لدى خوف هيستيرى من الألم ، أى شىء قد يسبب أى نوع من الوجع أو الألم ابتعد عنه فورًا ، حتى لو كان الألم خيالات .
أى علاقة جديدة ، تعارف أو صداقة ...هى شىء يستدعى القلق ولذلك كنت ألجأ دوما لصمتى ، وعملى كجهاز استقبال ، أرحب وابتعد .
الخوف الهيستيرى من التعامل المباشر مع البشر والذى يصل إلى حد الرقاد لثلاثة أيام كاملة فى سريرى بموعد مقابلة تقليدية لورشة أحببت التقدم إليها ، كانت شعار مرحلة امتدت لتصل إلى شهور من عمرى .
أشكر الله الذى وهبنى حس ملل نجانى سابقا من نوبات ذعرى ، ونجانى كذلك من خوفى ، أشكر الله الذى وهبنى العناد الذى يجعلنى أتحدى نفسى قبل أى آخر ، وأرفض كل هذا الخذلان الذى لم أخذله لأحد من قبل ،
وأشكره كثيرا جدا ومن أعماق قلبى إنى خرجت حية من التجربة ، بل وخرجت مظفرة بروح تتوق للبحث من جديد ، وتسعى من جديد لأن تكون أفضل ، وأوسع أفقًا وتقبلا لآخرين غرباء .
وأشكره وأثنى عليه ثناء جميلا لمنحه إياى صحبة حافظت علىّ وأخرجت ما دفن فى التجربة المرّة من حلاوة وحب للحياة كان فى شخصى ، بما فيهم من حنان وحب وإيمان .
ربما لا أقف على أرض صلبة بالكامل ، ولكنها على الأقل ليست بحر من الرمال الناعمة التى تغرقنى كلما وقفت .
عندما أتممت عامى الخامس والعشرين كنت غاضبة جدا وناقمة جدا على نفسى ومن حولى والحياة ، كنت رافضة للاحتفال لإنى لم أصل بعد لكل ماخططت له ، ولم أتخذ بعد خطوات واسعة نحوه .

ولكن عندما حل عيدى السادس والعشرين ، رغم ضياع كل الأهداف والخطط ، و العناء فى تحديد الهوية ومعرفة الصح من الخطأ ، ومحاولة استرجاع الذاكرة والذكريات ، إلا إنى قررت الاحتفال وبقوة ، الاحتفال بروح الحياة التى لم تمت بعد بداخلى ، والاحتفاء والشكر لله لحبه لى ولعطفه على ورحمته وشفقته بى ، وإرساء قاعدة جديدة ، ف ليس الفوز وحده مايستحق الاحتفال ، إنما كذلك محاولة البقاء على قيد الحياة والإنسانية بين كل مايدعو لغير ذلك ، والقدرة على تذوق الحلو والمر ، البدايات الجديدة ومايصاحبها من نشوة المرة الأولى والتى أحيانا كثيرا لا تكون المرة الأولى الحقيقية ، وإنما تجربة من جديد ، كانتعاشة استطعام كيك الشوكولاتة الداكنة لمرة أخرى وحلاوتها تتسرب لخلاياى العصبية في ما يشبه دقات الحب الأولى .