اسمع أغنية بلا ولا شي ، أحبك ، واسأل نفسي ،
هل يعلم زياد لأي درجة يمكن أن يذهب بنا الحب ؟ ما يمكن التنازل عنه ، وما لا يمكن
تركه ؟
كنت طفلة شديدة الرومانسية، أرى الحب في كل
زاوية ، وأؤمن بكل الغيبيات .
أنسج طوال الوقت قصص الحب بين من حولي ، و
صنعت لنفسي كذلك واحدة ، ربما أكثر.
وجعلت لنفسي قوى سحرية عجيبة ، تحقق لي ما
أريد تمامًا ، ومعارك وهمية شديدة الجدية .
لا أظنني عشت عمري المفترض وقتها ، بل كنت
أسبق سني – كالعادة- مع مزيج البلاهة الخاص بعمري الحقيقي بالطبع ، والذي لا يمكن
الاستغناء عنه .
كبرت كما يكبر الناس يا حبيبي ، و اختلفت
قناعاتي ، كفرت بالحب والرومانسية ، وحُمِلت بالمرارة دون المساس بحقيقته الثابتة
، ولكنني كنت مراهقة عدمية قليلًا ، رغم أن السذاجة مازالت جزء مني .
ربما بعض مني رفض فكرة أن أكبر ، ولكنها
الحياة تفرض نفسها رغمًا عن أنفي ، وعن قلبي وعقلي ومشاعري ، فرفض مسلمات الطفولة
الطيبة .
لا يهم كيف كنت أنا يا حبيبي ، أو كيف كنت
أنت ، أعرف هذا الآن وقد بلغ مني العمر ما بلغ ، وخط الشيب على ضلوعي فاهترأت .
أنتظرك يا حبيبي بخريف عمري ، بحب جديد بدأ
منذ تكوننا في الأرحام ، ليضفي وجودك السلام على روحي القلقة ، قد أصبح –أخيرًا-من
يشاركني كل اللحظات ،نضحك معًا ، نبكي معًا ، نقلق معًا ، ليخف ثقل الأيام ، ويشبه
رقة الخريف ، يكتسب دفء الخريف .
لم يمتلك زياد في حبه أي رفاهيات ، ولا أي
صحبة كانت تزعج تفردهم ، الحب ولا شيء إلا الحب ، بلا أي تزيين ، كانت هذه شروطه .
لي أيضًا شروطي ، اشترط عليك شراكة كاملة ،
بلا أي مفاوضات ، وفي كل شيء .
نتشارك قائمة الأغاني ، والرقص معًا على
نغماتها ، كانت " على ورق الفل دلعني " أو كانت " القلب معاك"
مرورًا بـ سيناترا العذب ، ونجلس لنصغي لفرش وغطا للشيخ العجوز و أحمد برين ،لأخبرك
أنك السبع الذي تحمل قسوة الأيام ولم يمل ، ومازال قلبه كقلب الطير .
نتشارك قائمة الأفلام ، والكتب ، الأريكة
المفضلة ، وأحاديث المساء الهامسة .
نتشارك الاستمتاع بالمشي معًا ، نهرب من
العالم لشوارع جديدة تستقبل أضواء الفجر ، وتودع برودة الليل ، الدافيء بك يا
حبيبي .
اشترط عليك نون الجماعة يا حبيبي ، صلاة
ودعاء و تلاوة القرآن .
اشترط عليك إيمان لانهائي بصحبة تمتد لحياة
بعد الحياة .
وأن يحب الطفل بداخلك الطفلة بداخلي ، نتقاسم
الحلوى والألعاب ،والضحكات المجلجلة .
أن نعيد شغف المراهقة معًا ، واكتشاف المشاعر
القديمة بنكهة حبنا ، و نستمتع باكتشافاتنا القديمة الجديدة والمتجددة . و أن نبكي
معًا ، كما نضحك معًا .
وأن نجدد كل يوم شبابنا ، لتراني شابة جامعية
لطيفة تتعلم ، وأراك أستاذي يشاركني التعلم .
أما أنا فلك مني وعود تطول بطول العمر ، أعدك
ألا آخذك على محمل الاعتياد ، وأن أنظر لك بعيون متجددة بالحب والشغف .
أعدك أن انتبه لتفاصيلك الطيبة والممتعة ،
وأقدم لك من قلبي كل ماهو طيب ، أهديك السلام والراحة ، ويكن لك في قلبي ملاذ آمن
و راحة وسلام ، وإن ضاق بنا العيش .
أن أقع في غرام عقود الفل والزهر الملون ،
وأنت تساعدني في ارتدائها كل مرة ، وأن أقبل باطن يدك ، وأنت تقبل عيناي .
أن أشاركك استمتاعك قدر استطاعتي ، وإن
اضطررت لطهو الأسماك وتقشيرها .
أن أتواصل معك بكل ما فيك ، وأن أحتويك قبل
أن أدينك ، وأن أذكرك بالطيب عند الاختلاف.
أعدك يا حبيبي ، أن اختارك في كل مرة .
سنكون حبيبين رائعين يا حبيبي ، يومًا ما .
مع كل حبي .
0 Responses to "رسالة للحبيب الغائب ":
إرسال تعليق