وتقطعت الاوتار .. الجزء الثانى!!

Posted on الاثنين، ديسمبر 08، 2008 by ريم وجيه


هنا قبرها ، دفنت بين زهورعشق، لتسامرها فى وحدتها التى عندما انكسرت فى حياتها كسرتها .

هنا قبرها ، فى حديقة غناء ، حتى عندما دُفنت دُفنت فى مكان غريب عنها ؛ فقد قالت أن الصحراء موطنها ، قالت إنما هى نبتة صبار شائك ، مكانها بعيداً عن البشر والأحباء .

هنا قبرها ، وعلى الضريح كتبوا كلمات غريبة عنها ، قالوا عن قلبها قلب ملاك ، فكيف يكون للملائكة قلب فاض بالمرارة ، قلب فقد كل مافيه من حب للحياة ، وزهد كل ما فيها .

هنا فى مكان نهايتها ، ابدأ فى سرد حكايتها الأخيرة .

عندما رأى براءة عينيها وحزنهما وراءها ، أدرك أنها بعضه الذى يبحث عنه منذ خلقت الأرض ، أدرك أنها ستكون له ، ستحبه ؛ لأنه ليس كغيره ؛ فهو ليس مجرد باحث آخر عن السكينة فى جنة قربها الوارفة الظلال ، بل إن كل غايته أن يمنحها السكينة التى نزفتها من جراحها .

لم يكن يبحث عن الأمان الذى تمنحه لكل من يلجأ لقلبها ، بل يبحث كيف يعوضها عن ما فقدته من أمان طوال عمرها .

إنه يختلف عن غيره ، فهو من رأى ما خلف تلك القوة من ضعف وخوف ، وما خلف الحكمة من مرارة وجرح ، وماخلف البسمات من دموع .

اقترب رويدا رويدا من عالمها السحرى الذى لا تنفصل عنه إلا لماما ،حتى لا تفزع إن اقتحمه كغيره من الطامعين .

بحث فى كتب العشق والحب والنغم والزهر ، حتى يفهم كيف يزيل هالة البعد التى تصنعها من كل من يقترب منها !!
وجدها جميعا تجعل منها حالة لا سبيل إليها ، فالوحدة لها قدر لا مفر منه .

ترك الكتب لاعناً كل من فرض عليها أشواك الوحدة ، وعليه قتل حبه طفلاً ، مقرراً أن يمنحها حبه كما هو دون تنميق أو تزييف ، أو أبحاث علمية ، فقط سيترك قلبه يحاول أن يداوى جراح قلبها بكل مافيه من حب وحنان وأمل .

أما هى فعندما رأته صار لقلبها دقة غريبة تلح عليه ؛ معلنة أنه ليس كغيره ؛ تعلن أنه ليس طامع أو سارق ، بل أمل غريب .

أمل تدرك أنه سينطفأ ، وسيترك جرحاً قاتلاً ، لن تستطيع بعده أن تعود كما كانت أبداً ، فهو لن يستطيع تحدى ما قُدِر لها ، فالوحدة هى الرفيق ، والحزن هو الصديق .

أعلنتها كذلك أنها – وياللألم – قد أُسِرَت بالفعل ، فمهما حاولت الهرب فلا جدوى ، ولا معنى للقواعد ولا قوانين الكتب ، فكل دقة تصل من قلبه تداوى فى قلبها جرحاً كان ينزف طويلاً.
وأسلمت له قلبها بكل ما فيه ، من حزن وجراح ، وبراءة وطهر ، فأحاط به قلبه ليمنحها الأمان والسعادة والحياة والحب ، ابعد عنها كل جراحه وألمه – فهو مازال بشراً يتالم ويُجرح – ليحميها؛ فأسدل بين قلبيهما ساتر منيع .

أيام من السعادة عاشتها أزالت كل مرارة وحزن ، أذهب حبيبها بحبه كل ألم ، ولم ينغصها غير حجبه لألمه عنها ، فكيف يخفيه عنها وهى أقرب إليه من روحه ؟؟!!

كانت تشعر بها على الرغم من إنكاره ، وكيف لا وقلبها يسكن بين ضلوعه ؛ حتى صنع صمته وخوفه عليها بينهما حاجزاً لا ينكسر ، وكيف لا وهى تشعر كأنه وحيد وهو معها ، مقيد بسعادة زائفة لأجلها ، وكأنها تلك اللعنة التى فلتت لتلاحق قلبه الذى كان سعيداً بدونها ، فكيف لا تتمزق لأجله وهو من حررها من الوحدة ، وإن كان فى ذلك أسره .

أدركت أنها إن بقيت فإنما هى عبء ، وإن رحلت فهو حر ، سيحب أخرى تسعده ، ولا تقيده ، من يستطيع معها أن يكون هو نفسه ، بأحزانه وأفراحه ، بحنانه وقسوته ، بهدوءه وعصبيته ، أخرى لم يقدر لها الوحدة والحزن .

اتخذت القرار ، وارتدت قناع القسوة والقوة ، أخبرته أن هذا هو قدرها ، وأن الوحدة هى ترياقها ، أخبرته أنها سترحل بعيداً ، وعليه أن يبحث عن غيرها ، كذبت قائلة أنها لم تحبه ، فإنما هو لم يكن إلا وهم صُور لها .

قالت أنها ربما تحب آخر ، له صفات غير صفاته ، كذبت وقالت أنها لم تسكن إليه ، ولم ترتح روحها بين يديه .

كذبت وقالت أن مثلها لا يحب مثله ، وأن الذى يجب أن تحبه آخر بعيد ، فى بلاد هى ذاهبة إليها ، لتبحث عنه وتجده وترتمى فى أمانه بعيداً عن زيف مشاعره ووهمها .

قالت أن مشاعره ماهى إلا وهم ، وأن حبه ليس إلا شفقة أو رغبة تحدى .

كذبت كثيراً ، وكل كذبة كانت خنجر تطعن به قلبيهما ، قلبها الذى ذاب عشقاً فيه ، وقلبه الذى خاف عليها حتى من نفسه .


كذبت كثيراً ، إلا أن دموع حزنها – والتى ظنتها ثمن حريته وسعادته – كانت أكثر بكثير .

كذبت كثيراً ، فهى لم ترحل ، لم تستطع ، فروحها التى عشقته أعلنت رفضها مغادرة قربه إلا لتذهب إلى بارئها الرحيم .

وفى احتضارها كان جوارها ، فأخبرته أنها ليست إلا نبتة صبار شائك مكانها قفر الصحارى ، حيث لا تؤذى أحد .
وأن قبرها لابد أن يكون بعيداً عن البشر حتى لا تؤذيهم بوجودها .

كاد أن ينهاها عن قولها ، ليخبرها أن ليس للزهر مكان إلا بستان ، ولا نغمات مصدرها إلا قيثارة ، وأنها زهرته ونغمته وحده ، وأنه سيكون جوارها حتى إن ابتعدت وتركته ، رحيلاً كان أو موتاً .
سيظل لها حتى وإن كان كل ما سيتبقى منها ضريح .

وعندما حاول أن يضمها ليبعد عنها أشباح الألم والحزن كما كان يفعل دوماً معها ، إلا أن الموت كان أسرع من كلماته ، ومن ذراعيه الحنونين فى ضمها إلى من ذهبوا حيث لا يرجع أحد ولا يظلم .

ذهبت وتركته ، ليجتر ذكريات أيام فى الجنة ، عاشها مع ملاك برىء .

ذهبت وتركته ليصنع حديقة غناء حول قبرها لتؤنسها ،رواها بدموعه ، وزرعها بذكرياته معها ، فأثمرت زهور عشق لا مثيل لها على الأرض ؛ فقط كى تؤنس وحدتها ، ووحدته بعدها .

زهور قاربتها جمالاً ، وإن لن تستطيع أن تكون فى نضارتها ولا براءتها .

كثير من نغمات حاولت القيثارة أن تصدرها ، ولم تفلح ، فقد ذهب سر جمالها ، ماتت النغمة ، وتمزقت الاوتار بعد موتها حزناً وحداداً على نغمة لن يعزف بين البشر مثلها من جديد .

هكذا كانت حكايتها ، مثل حياتها بحور من النغم الحزين ، غارق فى دموع عشق برىء ملائكى ، لا يمت إلا لعالمها السحرى بالصلات .
تمت بحمد الله

8 Responses to "وتقطعت الاوتار .. الجزء الثانى!!":

The Confused says:

تكملة ل ابداعك واحساسك الرائع

بجد يا ريم مش عارف اقولك ايه غير انك اسانه فريده بجد وابداعك مش له حدود


استمري كما انتي وفي تالق

ريم وجيه says:

عبد الله
ربنا يخليك يارب .. ويارب اكون عند حسن ظنك
بس لا فريدة ولا حاجة !!
ريم والله P:

غير معرف says:

لاء فريده ومتفرده كمان في مانع
بس الرحمه مش نبداها ب هنا قبرها الرحمه يا جلومي هانم
بس كتبتيها بعد اد ايه من الجزء الاول ؟ يا ريت تقوليلي وطبعا انا اول مره اقراها استمريييييييييي
رضا

ريم وجيه says:

رورو .. يا باشا انتى تؤمرى .. فريدة ومتفردة .. وخضرة كمان لو عاوزة !!!
احم .. معلش بقه يا رورو.. انتى عارفة طبع اختك يا قمر .. يعنى الكآبة دى جزء لا يتجزأ يا حبى
يا ستى نغمة مكتوبة فى اغسطس 2005 .. ودى مكتوبة فى يناير 2007
ميرسيه يا رورو .. وكل سنة وانتى طيبة

غير معرف says:

مرسيه ايه بس انا كل ما افتح الجهاز اجي هنا اقرا شويه , قولي شويتين تلاته
كل ثانيه وانتي بخير

غير معرف says:

begad 7elwa awi awi awi awi :( :(
bgd enty masha2 allah 3aliky....
2asaret fya awi :(
estamery... ehi2... ya rorty ♥

ريم وجيه says:

رورو .. ازيك يا قمر؟؟
ميرسيه يا حبى على متابعتك دايما
بالنسبة لنسبة الكآبة فى الخاطرة .. فهى منطقية جدا من ناحية المشاعر يا قمر
الوحدة والحزن لما يبقوا مرافقين دائمين لحد .. هيتعود عليهم ... لكن لما تتقطع الشرنقة دى .. فى الاول هيكون مستغرب ... لكن لما يتأقلم ويحس بالامان فى صحبة غيره .. وبعد كده ده يضيع منه
ويرجع اصحابه القدام .. وحدته وحزنه .. لازم يكونوا متوحشين معاه ..هيدمروه ..
وده اللى حصل مع بطلة الخاطرة!!
وبالتالى لازم تكون حزينة وكئيبة كده!!
ميرسيه يا قمر لمتابعتك وتشجيعك دايما ليا

ريم وجيه says:

نيما الجميلة
ميرسيه يا قمراية .. ربنا يخليكى
الحمد لله انها عجبتك .. !!!
ويارب اللى جاى يعجبك اكتر ..
ان شاء الله هاستمر .. بس من غير اهىء طيب!!
ميرسيه يا قمرايتى .. وسورى على الاكتئاب اللى الخاطرة جابتهولك !!