عزيزتي سارة
تابعت بالطبع انتشار صور الكثير من أصدقائنا
وتحويلها لمسنين حلوين ، الفكرة مغرية جدًا ياسارة ، لها نفس جاذبية الفلاتر التي
تمحي العيوب وتنعم الملامح حتى تكاد تحولنا لمخلوقات كرتونية لطيفة ناعمة ، بلا أي
زوايا حادة ، بلا تجاعيد ولا مسام ولا بثور ولا أي عيب إنساني طبيعي حتى .
هل أخبرتك من قبل عن تمنياتي بالموت شابة
عندما كنت طفلة ؟ كانت تخيفني فكرة الشيخوخة ، ترعبني التجاعيد و بقع الجلد البنية
التي تصاحب الكبر، كان هذا في صغري..أما الآن العكس تمامًا أنظر لهم حولي بكل الحب والحنان ..هؤلاء عاشوا وقدموا و أحبوا و أحبهم من حولهم .
كل ما شعرت به عندما شاهدت تلك الصور أني
أحسست إني عجوز بالفعل يا سارة ، لا أحتاج لنظرة مستقبلية لأرى تجاعيدي ، وأنني
ربما عندما أتقدم في العمر سأصير أكثر جمالًا مثل كثير من نساء أسرتي – نقول يا رب
–
منذ هوس التجميل وأصبحت أخاف التصوير
بالفلاتر بشكل كبير ، تجعلنا أجمل لدرجة
مخيفة أحيانًا ، تقلل من تفردنا الطبيعي والذي يعتبره البعض قبحًا ، يجعل الأمور
أشبه ببحر الشفاه المنتفخة والأنف المنمنمة و الحاجبين المرسومين بالقلم ، ومثلما
تجعلنا أجمل بمقاييس التماثيل ، تجعلنا أغرب عن أنفسنا ، وأقل رضا عنها .
أشعر بغرابة شديدة عندما أتذكر خوفي وأنا
طفلة وتمنياتي ، وخيالي الآن عن نفسي وأنا سبعينية ، وتعجبني تخيلاتي عن نفسي جدًا ،
خاصة بعد رواية الظلال المحترقة ، بشخصيتها الرئيسية هيروكو ، التي صبغت شعرها
بالأخضر بعد السبعين .
أظنني يا سارة سأكون تلك العجوز التي تجيد
الاستمتاع ، تسترجع دلال عبدالعزيز وهي تغني لسمير غانم " بس قولوا لأمي
..طاب وأنا مالي طيب يا غزالي " أثناء مهامها المنزلية ، لديها قلب يتسع لكل الحكايات المؤلمة ، وحضن
يمتص كل الحزن ، وخبرة كافية لتهون الأمر ، طرق متعددة للحل ، والأهم ..كيف نحول
اللحظة الحزينة لكثير من الضحك الصاخب .
أتخيلنا يا سارة في هذا العمر معًا ، نجلس في
منزل إحدانا نستمتع ببرنامج إذاعي مع مشروبنا المفضل ، ونتناقش حول كتاب جديد لنا.
وأنت يا سارة ، كيف تريننا في هذا العمر يا
صديقتي الحبيبة ؟
مودتي
ريم