إلى سارة...عن ندوب الروح

Posted on الجمعة، أبريل 03، 2020 by ريم وجيه


عزيزتي سارة
هل تحمل مشاعرنا ذاكرة مثل أجسادنا؟
هل الجروح العاطفية تحمل ذات الندوب التي تحملها أجسادنا؟
أسألك هذا وأكاد أعلم الإجابة بشكل يقيني.
نعم، تحمل روحي ندوب عدة من ذكريات عمري الفائت، ترتد ككرة مطاط تضرب وجهي وضلوعي، تؤلمني ككسر قديم.
العام الماضي نتيجة لقناعة طبيب بسوء حالتي الصحية، أوصى لي بعدد من الأدوية غيرت كيمياء جسدي بالكامل. بعد أن كان الألم يحتمل، أصبح جسدي ككابلات كهرباء الضغط العالي، حتى المسكنات لم تكن تجدي.
لن أتحدث عن معدلات الهلع والقلق البشعة التي تسبب بها بجرعاته المؤذية، ولا الادوية المحفزة على الاكتئاب مع جهاز عصبي يحتضن الاكتئاب كصديق قديم، ويعامل القلق معاملة العشيق.
الوباء يحفز ذكريات إقامتي في المستشفى مع أمي رحمها الله، كل الألم الإنساني الذي ابتلعته بكل الحب في العالم، حتى لم يعد بروحي مكان لأي شيء آخر. الوباء يوقظ الألم بأريحية،  وينبشه ويلتهمني بتلذذ مريض، يجعلني هيستيرية طوال الوقت تقريبًا.
بين تخيل نهاية الأحبة والمقربين، فأشعر باختناق وانسحاب الهواء من رئتي، وبين استرجاع الذكريات الملعونة.
كان فضل الله عظيمًا، ولم يزل، أعرف تمامًا يا سارة أن الله منحني فضلًا استثنائيًا في مرافقة أمي رحمها الله، لم يكن الأمر سوادًا كاملًا ، بل بها الكثير من الهزل والحميمية؛ لكن لم تعد أعصابي تحتمل كل هذا الضغط، كل هذا الألم المحتمل، كل هذه الخسارات المحتملة .
لا أظنني احتمل تكرار هذا مرة أخرى، أكره كل لحظة خوف.
الخوف سجن، يحاصرني باستمرار، وأحاول كل يوم تحطيمه.
يسيطر علي الملعون، ويحكم قبضته لبعض الوقت، وأتصنع اللامبالاة.
صراخ داخلي، وهوة عميقة بلا قرار يا سارة هي ما يوجد داخل ضلوعي هذه الأيام.
لا أجيد التأقلم، أود تخبئة أحبتي بعيدًا ، بين ضلوعي، كأن الحظر بداخل ضلوعي علاج مثلًا.
هراء كامل يكاد يكون أقرب لهلوسة أم تحتضر.
على سبيل الذعر الجماعي،انتشرت دعوة عجيبة للتسامح على الفيس بوك، خوفًا من نهاية قريبة .
أجدني على العكس، ومع كل هذا الخوف أجدني غاضبة وحاقدة.
ينتباني الغضب وأود لو أصفع كل من أذوني، أود أن ينالهم نفس ما نالني منهم.
أريد قصاصي يا سارة، ولا أهتم أكانت نهاية العالم أم مجرد إعادة تحميل أم غيرها.
أنا غاضبة، وحزينة، وخائفة، وقلقة، ومرتابة.
أتذكر أسوء ما مر علي في عمري، وأعاني سدة قراءة.
وأعاني من صمت وسماجة مريبة، مع عاطفية متقلبة، تنسكب على بعض أصدقائي بحب كالسيل، يغرقني في خجل لا نهائي بعدها.
اللعنة على كل شيء يا سارة، اللعنة على كل شيء.
أكره كل هذا التخبط من كل قلبي.
لم الحياة بهذه الصعوبة الملعونة، والقسوة المفرطة؟
تبًا لكل شيء.
ريم
2-4-2020

1 comments:

رحاب صالح says:

حبيبتي يا ريمي