عزيزتي هاجر
كيف حالك في المدينة البعيدة -القريبة من
القلب- بوجودك فيها ؟
أحببت مدينتك يا هاجر ، عندما رأيتها بعينيك
، وأدركت لأي درجة يقرب العالم العربي لبعضه البعض .
أذكر جيدًا يا صديقتي الجميلة أول مرة
تحادثنا بها ، عندما سألتك لم أضفتني ...كان حسابي جديدًا جدًا ، وأردته خصوصيًا
جدًا –ولازلت- ، أذكر ردك البسيط الواضح ، لباقة الانسحاب الذكي ..ذكرتني بنسخة طيبة
من نفسي ، نسخة أحبها فعلًا ، وبالفعل أجد منك كل ما أحب يا هاجر في أصدقائي .
رغم
هذا يا صديقتي الجميلة تأتي لحظات أشعر فيها أنني منافقة لشد ما ترينني قوية ،
وتخبريني بهذا ، ولا أفهم ..ما هي القوة ؟ وأين هي؟
لا أذكر أني صرحت لمرة إني قوية ، على العكس
أذكر كل المرات التي جلدت نفسي لإحساسي بالتخاذل والضعف ..وأشعر أني ضللتك بما ليس
في.
هل أخبرتك من قبل كم مرة صمتت أمام حادث جلل؟
الفوبيا المستحدثة من الدماء والألم؟
هل يمكن أن يجتمع القوة وهذه الأفعال يا
صديقتي ؟
لا أدري ...
هل أخبرتك من قبل عن صديقتي هيام التي اختفت
من عدة أعوام ، لا أعرف عنها أي خبر ، غيابها كسكين تمضي في قلبي تخترق طبقة تلو
طبقة ،ولا أملك من الأمر شيء ، لا وسيلة اتصال واحدة ...لا يصلنا إلا الحب والدعاء
عبر آلاف الكيلومترات ، في عصر الاتصالات المبهرة ، نسيوا أن يطوروا ما يطمئن
القلب على الغائبين بخبر يقين !
لم أخبرك بالتأكيد من خوفي أن يحدث نفس الشيء
معك ، أخاف أن تقرري الاختفاء فجأة بلا سابق إنذار ، وبلا وسيلة اتصال واحدة !
أخاف الفراق والموت منذ الخامسة من عمري يا
هاجر ، مع أول وفاة حضرتها ..جدة أمي رحمهم الله جميعًا..حتى اللحظة لا أعرف كيف
يمكن التعامل معه فعليًا ، أحاول حصاره على أنه عرض وقتي ..كالسخونية التي تصيبني
من وقت لآخر ، وتجعلني أكاد أجن افتقادًا ليد أمي الطيبة الشافية على جبيني .
لا أظنني قوية يا هاجر ، و لا أجيد التجاوز
بشكل جيد حقًا .
أظن أنني فقط أجيد التحايل على الأمور بقدر
من الخيال ، يسبقه إيمان بالغيب لا ينقطع ، الرحمة الغيبية ، والحكمة الإلهية في
كل صبح يتنفس .
ربما مع إضافة بهارات من الإفيهات للأمور ،
أعترف أنني ربما النموذج النسائي لعاشق الإفيه ، أرجو ألا أكون بذات الثقل فقط!
أذكر أنني ذات مرة ، كنت أشعر بغيظ بشع ، ومع
ذلك كنت استهل أغلب كلامي ب " الكوميدي في الموضوع كذا كذا ..."
ربما هي خاصية جوزائية تخصنا يا صديقتي .. ربما
هذه لأني بالفعل لا أؤمن بالأبراج حقًا !
كانت كل هذه احتمالات يا صديقتي ، أما الآن وقت
اليقين ..
ما أوقن به يا هاجر أنك روح طيبة ، فتلك
المبادرات الصادقة تجاه إنسان غريب مثلي ، لدعمه ، في حبه ، هي حتمًا نابعة من روح
طيبة ، رزقني الله بها رحمة منه ، وله الحمد و المنة .
يزيد هذا يا عزيزتي من يقيني بحياة طيبة لك ،
ربما لا تسير منسابة كما الحرير على شعر ناعم ، إنما مفعمة بالخير ، كما بالتحديات
، كما بالشراسة في مواجهة التحديات ، الشراسة المطلوبة تمامًا بلا توحش .
حسنًا ، لا أظن فعلًا أن هناك حياة منسابة
كالحرير ، البشر كائنات مزعجة عادة قدر احتياجنا لهم ، والكوارث الطبيعية كذلك ،
لذا ، فلنعتبر حياتنا قفزة من فوق شلال ، أو ركوب أمواج ..لا مفر .
في رسالتي القادمة بإذن الله سأحكي لك عن
مدينتي العجوز . الحلوة..الإسكندرية ..حتى تريها بعينيك بإذن الله
مودتي
ريم وجيه