متحرشون .. ومتحرشات
تنامت فى الفترة الاخيرة ظاهرة التحرش بشكل غير مسبوق .. واصبحت ظاهرة جماعية .. مثل احداث وسط البلد بالقاهرة المتكررة ، والتى يقوم فيها مجموعة من الشبان بالتحرش بالفتيات والسيدات اللائى اوقعهن حظهن العاثر فى طريقهم
عندما كانت الحالات فردية ... تم ارجاع اسباب التحرشات الى عدة اسباب ظاهرية منها البطالة والفراغ الذى يعانيه الشبان ، والذى يؤدى الى ارتفاع سن الزواج ومما يتبعه ذلك من اضرار بنفسيتهم ، وهذا بالتالى يعنى شريحة معينة من الشبان وهى من اعمار فلنقل 21 الى 35 مثلا!!
اما عندما تتحول تلك الظاهرة الى مرحلة مراهقين الاعدادى والثانوى فهو ان استبدت به جموح رغباته ، فلن ينصع لها ان تصدى له عرف اجتماعى قوى يهدده بالنبذ ان خالفه ، وبالتالى فهذا يستدعى مننا وقفة ، ووقفة مطولة تكون عندما نرى الرجال ممن تخطوا سن الاربعين هم من يقومون بتلك التصرفات الخارجة !!
بالتالى اعتقد انه يجب علينا ان ندقق جيدا فى الدوافع التى تجعل تلك الظاهرة تتحول الى وباء اجتماعى ، فالمسألة اصبحت تتجاوز الاسباب الظاهرة للعيان .
وهناك عدة مستويات تسببت بتحول تلك الظاهرة الى وباء اجتماعى ، فمثلا على مستوى الفرد نجد اسباب كثيرة كالفراغ الذى يعانيه ، وسياسة انتهاز الفرص ، والنظرة الدونية التى اصبح الشبان ينظرونها للمرأة ، وارتفاع سن الزواج ، والبطالة ، والهبوط العام لمستوى الاخلاقيات ، هذا بالنسبة للرجال .
اما بالنسبة للفتيات ، فبعضهن لهن دور فى ذلك ، مثلا كنوعية الملابس التى لا تترك مساحة للخيال ، وجرأة التصرفات ، واتباع نمط غربى اكثر من اللازم فى مساحات التعامل .
ولكن المشكلة الحقيقية ليست على مستوى الافراد ، لسبب بسيط جدا ، فان كانت المشكلة فردية لكان من السهل حلها ، ولم تكن لتتطور لتصبح ظاهرة جماعية ، ولم نكن لنجد طلاب المرحلة الاعدادية- وأحيانا تلاميذ الابتدائي - يتحرشن براكبات الترام ناعتين اياهن بالفاظ بذيئة ....أو ما هو أسوأ !!
وبذلك نتجه تلقائيا الى الاسرة ، حيث من المفترض انها المنظومة الاولى التى يستقى منها الفرد قيمه ، واخلاقياته ، وتشكل شخصيته .اذا نظرنا جيدا الى اسرنا المصرية سنجد انه فى حالات كثيرة جدا نفتقد للترابط الاسرى المعتاد ، فالاب مطحون عادة فى عمله لتحصيل رزق اولاده ، لتدخل الام فى ذات الدوامة ونجدها منهمكة فى اعمالها ، ونجدها عندما تعود من عملها منهكة ، تبدأ فى اعمالها المنزلية من طهى وتنظيف وغيره ، بالاضافة الى الاشراف على استذكار الاولاد ، ليحصلوا على مقدار التعليم الكافى لادخالهم فى ذات الدوامة من تحصيل الرزق ، ويقوم الاب بالاشراف من بعيد عادة ، عدا عن تعنيف الابناء من حين لآخر كى ينتبهوا لاستذكارهم ، فهو يشقى ويتعب -ويقطع من لحمه الحى- ، حتى يصبحوا شخصيات ذات قيمة فى المجتمع، فلا وقت لديه ليفهمهم القيم واهميتها ،و المبادىء الأخلاقية تتوه فى دوران الحياة ، ليصبح الأب نفسه مزعزع القيمة والمبادىء الأخلاقية ، ويغلب عليه طابع انتهاز الفرص ، استسهالا منه وحتى لا يقع فى دوامة معاناة اخرى !
يتبع ......